دراسات
إسلامية
الرحلة
وأدبها في
اللغة
العربية
دراسة
تاريخية
بقلم: الأستاذ
محمد رضي
الرحمن
القاسمي (*)
مفهوم
الرحلة
واستمرارها:
الرحلة مشتقة من الارتحال وهي تعني الانتقال من مكان لآخر؛ لتحقيق هدف معين، ماديا كان ذلك الهدف أو معنويا.
والرحلة
متصلة بتاريخ
الإنسان منذ
أقدم العصور.
فأول رحلة قام
بها الإنسان
هي رحلة من
بساتين الجنة
إلي سطح
الأرض. و إليه
أشار قوله تعالي:
قلنا اهبطوا
منها جميعا.
ومنذ
ذلك التاريخ
السحيق لم
تتوقف رحلات
البشر.
وتدل
على استمرار
الرحلة أدلة
نقلية وتاريخية:
الأدلة
النقلية:
1
–
رحلة
نوح عليه
السلام
وأتباعه
المؤمنين في السفينة
ثابتة
بالكتاب
والسنة.
2
- رحلة موسى
عليه السلام
من مصر إلى
شعيب عليه السلام
في مدين مرة،
ومرة أخرى مع
اليهود ثابتة
بالكتاب.
ورحلته
العلمية إلى
الخضر مسطورة
في الكتاب.
3
- ورحلة
إبراهيم عليه
السلام مع
زوجته وطفله
مسجلة في
الكتاب والسنة.
الأدلة
التاريخية:
ثبتت
بالكتب
التاريخية
والآثار
القديمة:
1
- أن
ملوك مصر
ارتحلوا إلى
آسيا.
2
–
أن
الملكة
حتشبسوت
ارتحلت إلى
بلاد الصومال.
3
–
أن
الفينيقيين
كانت لهم
رحلات بحرية
كبيرة، خاضوا
فيها عباب
المحيط
الأندلسي،
وحطوا رحالهم
في الجزائر
البريطانية،
وأقاموا
مستعمرات لهم
على طول بحر الروم
في الجنوب وفي
إسبانيا.
4
–
أن سفن
أبناء
روماوصلت إلى
جزائر كناريا
في المحيط
الأندلسي،
كما وصلت إلى
الهند والشرق الأقصى.
وبالإضافة
إلى ذلك فإن
فطرة الإنسان
التي فطر الله
عليها –
ولاتبديل
لخلق الله – تشير
بوضوح إلى أن
الإنسان خُلق
راحلا، ومحبا
للتنقل
والرحلة. وإن
أعجزته
الرحلة، تخيل
رحلات غير
محسوسة في
عالم الخيال،
ونحن نجد ذلك
مبثوثا في
الأساطير
الأولى.
كما
يتضح استمرار
الرحلة من
وجود التواصل
في العصر
القديم بين
قرى مبعثرة
فوق رقعة
هائلة من
المعمورة.
أغراض
الرحلة
تتعدد
الدوافع التي
تحمس الإنسان
للرحلات، وتختلف
من شخص إلى
آخر، ومن قوم
لقوم، ومن عهد
لعهد، إلا
أنها في
الأغلب لا
تخرج عن أن
تكون:
1-
دوافع دينية:
وهذا
القسم يتعدد
بتعدد أنواعه:
أ-
الهجرة:
الخروج من
دارالحرب إلى
دارالإسلام،
لما نهي عن
العمل
بالشريعة،
وعن القيام
بالشعائر.
ب
–
أداء
فريضة الحج:
وهي فرض
بالنسبة لحجة
العمر لمن
استطاع إليه
سبيلا.
ج-
الرحلة
للجهاد أو
الرباط في
سبيل الله.
د-
الرحلة بقصد
العبرة
والاتعاظ. (قل
سيروا في الأرض
فانظروا، كيف
كان عاقبة المكذبين)
هـ-
تبليغ الدعوة
إلى
أقطارالعالم.
2-
دوافع علمية
أو تعليمية:
بغرض
الاستزادةمن
العلم في
منطقة أخرى من
العالم، ذاع
صيت أبنائها
في مجالات
العلوم كالحديث
والفقه والطب
والهندسة
وغيرها.
ومن
قبيل ذلك أيضا
رحلات البحوث
العلمية والكشوف
الجغرافية.
3-
دوافع سياسية:
كالوفود
والسفارات
التي يبعث بها
الحكام إلى
حكام الدول
الأخرى؛
لتوطيد
العلاقات،
ولتبادل
الرأي.
4-
دوافع حربية:
وكانت
لا تهدف غالبا
إلاَّ إلى
التوسُّع في الأرض
على حساب
الأمم
الضعيفة؛
بغرض استغلال مواردها،
وفرْض
سيادتها
والسيطرة
عليها.
5-
دوافع سياحية
و ثقافية:
تصدر
عن رغبة في
الطواف نفسه
والسفر
لذاته، وحب
التنقل
وتغيير
الأجواء،
ومعرفة
الجديد من خلق
الطبيعة
والبشر، وقد
تكون لمعرفة
المعالم
الشهيرة
كالآثار
والمنارات
وغيرها.
6-
دوافع
اقتصادية:
للتجارة
وتبادل
السلع،أو
لفتح أسواق
جديدة لمنتجات
محلية، أو
لجلب سلع
تتوافر في
بلاد أخرى،
وتندر في بلد
المسافر.
وقد
يكون هربا من
الغلاء،
وسعيا وراء
الرخص.
وقد
يكون للعمل.
7-
دوافع صحية:
كالسفر
للعلاج
أوالاستشفاء،أو
إراحة النفس
من ألوان
العناء
وتخليصها من
الكدر كالارتحال
إلى المناطق
الريفية
ونحوها.
وقد
يكون هربا من
الوباء
والطاعون
والتلوث.
8-
أغراض أخرى:
كالسخط
على الأحوال،
أو الهروب من
العقوبة.
مفهوم
أدب الرحلات:
إن
هذا الفن من
فنون الأدب
العربي لم
يظهر تحت مسمى
أدب الرحلات،
وإنما كان
يظهر أحيانا
تحت خانة «كتب
التاريخ أو
الجغرافيا أو
السيرة
الذاتية أو
كتب الاعتراف
أو أدب
الاعتراف»..
وهكذا فإن هذه
التسمية «أدب
الرحلات»
تسمية وليدة
هذا العصر وما
شهده من
دراسات
ومصطلحات
وتقسيمات
لفنون وألوان
المعرفة
الأدبية.
وعلى
رغم هذا فإن
المشكلة فيما
يطلق عليه أدب
الرحلات
لاتزال قائمة
من حيث عدم
وجود تعريف دقيق
لهذا الفن
يؤطر حدوده.
أنسب
التعاريف ما
يلي:
هو
نوع من الأدب
الذي يصور فيه
الكاتب ما جرى
له من أحداث،
وما صادفه من
أمور في أثناء
رحلةٍ قام بها
إلى أحد
البلدان.
أويملي
أو يحدث
مشاهداته
ومشاعره تجاه
ما سمع وما
رأى، ويسطر
ذلك شخص آخر.
موضوع
أدب الرحلة:
كل
ما يراه المغترب
الرحال
ويعايشه
ويقرأه عن
ملامح بلد أجنبى
بعادات،
وتقاليد
سكانه،
وخلفيته السياسية
والثقافية
والاجتماعية
والاقتصادية،
وأحداث
يعايشها
الأديب
ومواقف تأثر
بها، وهموم
عانى منها في
ذلك البلد
الأجنبي،
طالت أم قصرت
مدة إقامته
فيها، ومشاعر
تختلج فى نفس
المغترب تجاه
الأمور
السابقة، و
كذلك جغرافيا
ذلك البلد.
أسباب
نشأة أدب
الرحلة:
سبق
أن أناسا في
كل عصر ومصر
في رحلات
دائبة،ولم
تتوقف الرحلة
منذ أقدم
العصور: وبعضهم
كان يدوِّن
رحلته،
ويسجلها قصة
باقية عبر
العصور.
فمن
أسباب نشأة
أدب الرحلة
وتدوين
الرحلات:
1-
أن يطلب
الحاكم من
الرحالة
تدوين الرحلة.
2-
أو يطلب
الأصدقاء ذلك.
3-
وقد تكون رغبة
الرحالة
أنفسهم في
إفادة القراء
وتثقيفهم
بالجديد،
وتعريفهم
بتاريخ البلدان
وحضارتها
وشعوبها،
وأبرز
معالمها وعجائبها
وعاداتها
وتقاليدها.
4-
ومن الأسباب
أيضاً أن
يهتدي
المسافرون بهذه
الرحلة
المدونة
فتكون دليلاً
لهم.
5-
وكذلك لإبراز
مناسك الحج
والعمرة،
وإعانة المسلمين
على معرفة
الديار
المقدسة
وكيفية الوصول
إليها
والتجول فيها.
نشأة
أدب الرحلة
وتطوره:
العصور
التي مر بها
أدب الرحلات
ثلاثة على النحو
الآتي: العصر
القديم
والوسيط
والحديث.
العصرالقديم
(منذ أقدم
العصور إلى
القرن الثالث الهجري،
الموافق
للقرن التاسع
الميلادي)
سبق
أن الرحلات
متصلة بتاريخ
الإنسان، ومن
الأمور
الفطرية
إخبار
الرحالة بما
رآه وسمعه وشعر
به في رحلته،
وحبُ
الاستطلاع في
الآخرين من
أقاربه
وأصحابه.
إذن
أدب الرحلة
الشفوي –
كما
يقتضي العقل – ما
زال يساير
الرحلات
المستمرة منذ
أقدم العصور
كما تشير إليه
الأساطير
الأولى.
أما
أدب الرحلة
المكتوب
المدون، فمن المستحيل
أن يقال
بالتأكيد أن
ذلك الكتاب أو
هذا أول تصنيف
في حقل أدب
الرحلة على
الإطلاق.
نعم!
أول كتاب في
حقل أدب الرحلة
اطلع وتعرف
عليه
الباحثون هو
كتاب مصنف إغريقي
هيرودوت (Hero
Dotus) (قبل ميلاد
المسيح عليه
السلام
بقرون)، الذي زار
مصر وقبرص
وفينيقيا
وآشور
وإيران، وتوغل
في الشمال إلى
البوسفور،
وأودع
مشاهداته في
هذه الرحلات
تاريخه
الكبير.
وأقدم
الكتب الثاني INDICA «سفرنامه
هند»
للرحالة
الإغريقي
ميگس تهنيز،
قام بهذه الرحلة
في 330 قبل ميلاد
المسيح عليه
السلام، وكتابه
هذا يُعد من
الكتب
الوثائقية
المعتمدة لتاريخ
وثقافة الهند
في عصره.
ونلتقي
في القرن
الثاني
للميلاد
ببطليموس الإسكندري،
وهو إغريقي
الأصل، وقد
ترك كتابين في
الجغرافية
والفلك،
ونراه يدون
وصفا مفصلا
للبلدان
والأماكن في
عصره ذاكرا
أطوالها
وعروضها، ومبينا
بالرسم
مواقعها.
ونلتقي
في القرن
السابع
الميلادي
بالرحالة الصيني
هيون سانگ ،
الذي قضى من
عمره الفترة الممتدة
من 630م إلى 645م في
الهند،
وارتحل إلى
أرجاء الهند،
ثم دون
مشاهداته في
كتابه.
نشأة
أدب الرحلة في
التراث
العربي:
وأما
نشأة أدب
الرحلـة في
التراث
العربي فالباحث
يجده
مبثوثا غير
مدون في أشعار
العرب
الجاهليـة،
يبين
الرحالــة
فيــه بعض المعلومات
الثقافية،
ويُظهر مشاعر
تختلج في قلبه
بمشاهداته في
أثناء الرحلة.
وأجدر
أن يعد في أدب
الرحلة ما روي
في كتب
الأحاديث عن
هجرة النبي صلى
الله عليه
وسلم
إلى المدينة
المنورة،
وهجرة أصحابه
عليه الصلاة
والسلام إلى
الحبشة،
وبعثاته صلى
الله عليه
وسلم
إلى الملوك
والسلاطين.
لأن المرويات
عن هذه تكشف
لنا
المعلومات
الثقافية
والجغرافية
والدينية
وغيرها.
ومن
أدب الرحلة في
فجرالإسلام
ما روي عن
تميم الداري
رضي الله عنه
وهو والي رسول
الله صلى
الله عليه
وسلم
في أرض بالقرب
من الخليل أحد
أقاليم
فلسطين، ويتحدث
تميم عن رحلة
له ببحر
الشام، حيث
قذفت به عاصفة
هو وصحبه إلى
جزيرة
مهجورة، رأو
فيها رأي العين
المسيح
الدجال.
وتحوم
الشكوك حول
هذه القصة،
ولسنا الآن
بصدد بحثها.
الباحث
يجد مزيدا في
التراث
العربي في ذلك
العصر مثل هذه
النماذج لأدب
الرحلة مما
روي في رحلة
عثمان بن
العاص الثقفي
إلى تهانه
مومبائي، وفي
رحلة العلاء
الحضرمي إلى
اصطخر .
العصر
الوسيط (من القرن
الثالث
الهجري «القرن
التاسع
الميلادي»
إلى بداية
النهضة
العربية)
هذا
هو عصر النضج
والازدهار في
أدب الرحلة بشكل
عام ولا سيما
في أدب
الرحلات
العربي، وإسهامات
المسلمين في
هذا العصر في
حقل أدب الرحلات
أكثر من غيرهم
على الإطلاق.
ومن
أشهر الكتب في
أدب الرحلات
العربي في هذا
العصر:
القرن
الثالث
الهجري
(التاسع
الميلادي )
كتاب
الأقاليم،
والبلدان
الكبير،
والبلدان
الصغير،
وأنساب
البلدان:
للغوي المؤرخ
هشام الكلبي(ت
حوالي 206هـ).
سلسلة
التواريخ
لسليمان
التاجر، قام
برحلات عبر
المحيط
الهندي و
المحيط
الهادي إلي
بلاد الصين
رجاء أن ينقل
عروض الهند و
الصين إلي البلاد
العربية.
القرن
الرابع
الهجري
(العاشر
الميلادي )
مروج
الذهب ومعادن
الجوهر:
للمسعودي
رحلة
ابن فضلان:
لأحمد بن
فضلان، إن ملك
البلغار طلب
من الخليفة
المقتدربعثة .
فترتب عليه أن
أرسل الخليفة
سنة 309هـ/921م بعثة،
جعل رياستها
لابن فضلان.
فقام بمهمته
بشكل جيّد.
صور
الأقاليم
لأحمد بن سهل، أبو
زيد البلخي(235 -
322هـ/849-934م)
كتاب
البلدان:
لقدامة بن
جعفر
صورة
الأرض: لمحمد
أبو القاسم بن
حوقل(ت 367 هـ/977م)
عجائب
البلدان:
لمسعر بن
مهلهل أبي دلف
القرن
الخامس الهجري
(الحادي عشر
الميلادي)
تحقيق
ما للهند من
مقولة،
مقبولة في
العقل أو مرذولة
للبيروني (ت
440هـ)
في
منتصف القرن
الخامس
الهجري شهد
أدب الرحلة
افتتاح صفحة
جديدة من
صفحات ذلك
الكتاب الفريد،
حيث احتل هذه
الصفحة بعض
رحالة
وجغـرافيي
المغـرب
الإسلامي، إذ
شرعوا في الدخول
إلى هـــذا
العالـم،
منهم أحمــد
بن عمـرالعذري،
خلف لنا
كتابا، سماه «نظام
المرجان في
المسالك
والممالك»،
وأكـبر
رحالــة
الانــدلس في
هذا القــرن أبو
عبيـد عبد
الله البكري
(487هـ) وله
كتابان: المسالك
والممالك، و
معجم ما
استعجم من
أسماء الأماكن
والبقاع.
القرن
السادس
الهجري
(الثاني عشر
الميلادي)
يكاد
هذا القرن
ينافس القرن
الرابع في حجم
الإنجاز
الكبير على
صعيد
الجغرافيا
وأدب الرحلة،
وإذا كان
القرن الرابع
قد تميز بعدد
الرحالة
الكبير، فقد
تميز القرن
السادس بقوة
هؤلاء
الرحالة
وأهمية
الآثار التي
خلفوها، والمناهج
التي اتبعوها
في جمع المادة
وتدوين المشاهدات.
ومن
أهم آثار هذا
القرن:
تحفة
الألباب
ونخبة
الأعجاب لأبي
حامد الغرناطي
المغرب
عن بعض عجائب
المغرب لأبي
حامد الغرناطي
نزهة
المشتاق في
اختراق
الآفاق
للشريف الإدريسي
(560هـ) هو الذي
وضع الخرائط
لجمهع أنحاء العالم
المعمور
آنذاك، وصمم
كرة من الفضة
صورة كافة
تضاريس
العالم.
ترتيب
الرحلات لأبي
بكر العربي (ت
543هـ) الذي كان
أول من استخدم
لفظ «رحلة»
في عنوان
مؤلف، ويعتبر
بهذا أول من
وضع أساس أدب
الرحلات
بالصورة
الفنية
المأمولة.
رحلة
ابن جبير لأبي
الحسن محمد بن
أحمد بن جبير
الكناني (ت
614هـ) هو
الذي اكتملت
على يديه
ملامح أساسية
لأدب الرحلة
العربي، حيث
حرص على تدوين
مذكراته
ومشاهداته يوما
بيوم، وتجنب
ذكر الغرائب
والعجائب
التي يميل
غيره إليها.
الاعتبار
للأمير
المجاهد
أسامة بن
المنقذ (ت 584هـ)
رزقه الله
عمرا فوق التسعين،
وقضى كل عمره
في السفر
والحرب، وكان
صديقا للقائد
العظيم
الأيوبي.
القرن
السابع
الهجري
(الثالث عشر
الميلادي)
من
أهم إنجازات
رحالة هذا
القرن:
معجم
البلدان (7
مجلدات ضخمة)
لياقوت
الحموي (ت 626هـ)
هذا الكتاب
منقطع
النظير، ولا
يزال من أهم
المعاجم
الجغرافية،
التي يركن
إليها.
تاريخ
المستبصر ليوسف
بن يعقوب الدمشقي
الشهير بابن
المجاور (ت 569هـ)
الرحلة
المغربية
لمحمد
العبدري ،هذا
الكتاب اشتمل
على أدق وصف
لبلاد الشمال
الإفريقي.
القرن
الثامن
الهجري
(الرابع عشر
الميلادي)
من
أهم كتابات
أدب الرحلة في
هذا القرن:
مختصر
تاريخ البشر لأبي
الفداء (ت 732هـ)
تقويم
البلدان لأبي
الفداء (ت 732هـ)،
قد حظي الكتابان
بإهتمام خاص
لدى مؤرخي
العلم في
أوروبا.
تحفة
النظار في
غرائب
الأمصار
وعجائب الأسفار (ذروة
أدب الرحلة
العربي) لأبي
عبدالله
اللواتي
الطنجي
المعروف بابن
بطوطه، يعد
كتابه أكثر
كتب الرحلة
إمتاعا
وجاذبية، فضلا
عن احتوائه
على كم هائل
من المادة
الأدبية والجغرافية
والإثنوجرافية.
التعريف
بإبن خلدون
ورحلته شرقا
وغربا لعبد الرحمن
بن خلدون (ت 808م)
كان تركيزه
الأكبرعلى استعراض
سيرة حياته،
بينما شغلت
رحلته المحل الثاني
في الأهمية،
مع ذلك
فالكتاب
يتضمن نصا
جيدا في أدب
الرحلة
العربية،
إذوتنوعت
وكثرت
مخاطرها.
القرون
إلى بداية
النهضة
العربية (من
القرن التاسع
للهجرة إلي
بداية النهضة
العربية):
يمكن
أن تسمي هذه
الحقب من
الزمان بعصر
المفــازة في
مجال أدب
الرحلـة علي
وجه الإطلاق
بالنسبـة إلي
القرون
المارة عليها
منذ النشأة إلي
نهاية القرن
الثامن
للهجرة.
و
مرجعه إلي أن
أوضاع العرب
السياسية و
الإقتصادية و
الاجتماعية
كلها كانت علي
وشك التدمير و
الضياع. بل
تردت كلها من
أوج المجد إلي
حضيض الذل
بشكل عام.
لهذا
قلّت الرحلات
طبيعيا غير
أنها لم يركد
معينها؛ بل
جري جريانا
كمثل دؤوب حلزون.
و ظلت هذه
الحالة
مستمرة إلي
عصر النهضة العربية.
أما
من قام برحلات
إلي الأمصار و
البلدان في هذه
الحالة
المريضة فمن
أشهرهم عبد
الغني
النابلسي (ت
1143هـ/1731م) من
فقهاء دمشق الحنفية.
كان له يد
بيضاء في
النظم و النثر
فضلا عن علوم
الدين. له
مؤلفات عديدة.
أما كتابه في
الرحلة فهو «الرحلة
الحجازية». بالإضافة
إلي ذلك هناك
عدد قليل من
الرحالة الذين
تعاطوا أدب
الرحلة حينئذ.
والعصرالحديث
من بداية
النهضة
العربية إلى الآن
(من مطلع
القرن الثالث
عشرللهجرة «التاسع
عشر الميلادي»
حتى الآن)
الرحلات
العربية عادت
إلى البزوغ
والازدهار من
جديد في ثوب
مختلف مع مطلع
القرن الثالث عشر
للهجرة
(التاسع عشر
الميلادي)
فاتصل
العالم
الغربي
بالعالم
العربي من جديد و
أخذ يتزايد
مبلغ بعثات
علمية من قبل
العرب إلي
العالم
الغربي كثيرا.
توجهت
رحلات العرب
آنذاك إلي
أوربة بشكل
خاص و عنيت
كتبهم بوصف
مناظر بلدان
أوربة
الطبيعية و ما
شاكل ذلك. ثم
أعار العرب
الإهتمام
برحلات نحو
الولاية
المتحدة
الأمريكية
بشطريها. على
جانب آخر ألقي
بعض الرحالة
العرب بالهم
إلى التجوال في
وسط أفريقيا و
جنوبيها. هذا
و قد اعتدوا بتطويف
في
الهندوالصين
حتى لم يتركوا
أي منطقة إلا
وقد رحلوا
إليها
ووصفوها.
فأول
من قام من
العرب برحلة
بالمعني
الحقيقي للكلمة
في هذا العصر
الحديث محمد
عمر التونسي سنة
1903م و ألف كتابا
في رحلته
عنوانه «تشحيذ
الأذهان».
و
أيضا
اشتهرحينئذ
فيما يخص
الرحلة الطهطاوي.
و كتابه في
هذا المجال هو
«تخليص
الإبريز في
تلخيص باريز».
فمن
أشهرالرحالة
في العصر
الحديث
محمد
فريد الذي
سافرإلي
الجزائر و
تونس و فرنسا،
كتابه في هذا
المجال هو «من
مصر إلى مصر».
و عبد
العزيز
الثعالبي الذي
رحل إلي
العالم
الإسلامي كله
طوال ثلاثين
عاما. وذكر
مشاهداته
ومشاعره في «مذكراته».
أهم
الكتب التي
ألفت بصدد أدب
الرحلة في
العصر الحديث
:
(1)
«تخليص
الإبريز في
تلخيص باريز»
لرفاعة
بك الطهطاوي. (2) «السفر
إلي المؤتمر»
لأحمد
زكي باشا. (3) «الواسطة
في أخبار
مالطة»
لأحمد
فارس الشدياق.
(4) «الرحلة
إلي ألمانيا»
لحسن توفيق. (5) «رحلة
محمد شريف إلي
أوربة»
لمحمد شريف. (6) «صفوة
الاعتبار»
لمحمد بيرم. (7) «رحلات»
لمحمد لبيل. (9) «ملوك
العرب»
لأمين
الريحاني. (10) «إطالة
علي نهاية
العالم
الجنوبي»
لمحمد بن ناصر
العبودي. (11) «ذكريات
لا تنسي»
لمحمد
المجذوب (12) «من
نهر كابل إلى
نهر اليرموك»
و (13) «مذكرات
سائح في الشرق
العربي»
لأبي
الحسن علي
الندوي. (14) «الرحلة
إلي المدينة
المنرة»
للشيخ محمد
ياسين. (15) «مشاهداتي
في بلاد
العنصرين»
لمحمد ناصر
العبودي.
أدب
رحلات الحج:
لقد
حظيت رحلة
الحج بعناية
خاصة من لدن
العلماء
والرحالة
والمؤرخين
عبر مراحل
التاريخ
الإسلامي،
ولقد تجلى ذلك
في كثرة ما
دار حولها من
المؤلفات منذ
وقت مبكر إلى
وقتنا هذا ولا
مراء في أن موضوع
رحلة الحج في
كتابات وعيون
الرحالة والمؤرخين
شاسع وواسع
ومتعدد
الجوانب حيث
تمثل رحلة
الحج حجر
الزاوية.
من
كتب رحلات
الحج بعضها
كتاب خاصٌّ عن
رحلة الحج فقط،
وبعضها كتاب
رحلة عامَّة
ضمَّنها
مؤلفها
حديثاً عن
رحلته إلى
الحج والحجاز.
1-
تذكرة
بالأخبار عن
اتفاقات
الأسفار لابن
جبير (كتاب
رحلة عامَّة
ضمَّنها
مؤلفها
حديثاً عن
رحلته إلى
الحج
والحجاز.) قد
قام برحلته
إلى الحجاز 579هـ.
هي
رحلة جليلة،
فيها لمسات
أدبية جميلة،
وليس في رحلته
إلا مؤاخذات
خفيفة، كعده
أنه لا إسلام
صحيحا إلا في
المغرب.
2-
ملء العيبة
بما جمع بطول
الغيبة للشيخ
ابن رُشيد
الفهري (كتاب
رحلة عامَّة
ضمَّنها مؤلفها
حديثاً عن
رحلته إلى
الحج
والحجاز). قد قام
برحلته إلى
الحجاز
684هـ..
رحلته
جميلة جليلة،
فيها عدد من
المسائل الفقهية،
وفيها وصف
للحرمين جميل
لطيف،وفيها اعتناء
بمسائل
الأدب، وفيها
تراجم لجمع
غفير من أهل
العلم.
3-
مستفاد
الرحلة
والاغتراب
للشيخ قاسم بن
يوسف
التُجيبي
(كتاب رحلة
عامَّة
ضمَّنها مؤلفها
حديثاً عن
رحلته إلى
الحج
والحجاز). قد
قام برحلته
إلى الحجاز 696هـ..
وهي
جليلة أيضا،
من أهم ما جاء
في هذه الرحلة
إظهارها
بوضوح مدى
الصعاب
الجسيمة التي
يتجشمها راكب
البحر في ذلك
العصر. فيها
الكثير من
القصص، وشيء
يسير من
التصوف.
4-
تخفة النظار
في غرائب
الأمصار
وعجائب
الأسفار لابن
بطوطة (كتاب
رحلة عامَّة
ضمَّنها
مؤلفها
حديثاً عن
رحلته إلى
الحج والحجاز)
قد قام برحلته
إلى الحجاز 726هـ.
رحلته
أشهر الرحلات
مطلقا،
وأسلوبه
معروف، فهو
يكثر من سوق
الحكايات
ويتوسع في ذكر
التراجم.
5-
ماء الموائد
للعياشي (كتاب
خاصٌّ عن رحلة
الحج فقط.) قد
قام برحلته
إلى الحجاز 1072هـ..
هي
رحلة مفيدة
شاملة لكثير
من تفاصيل
الحياة الاجتماعية
والدينية
والاقتصادية
في الحجاز،
ويعدها بعض
المعاصرين
أوفى الرحلات
وأكثرها
فائدة على
الإطلاق.
6-
الرحلة
الحجازية
للشيخ عثمان
بن إبراهيم السنوسي،
قد قام برحلته
إلى الحجاز 1299هـ..
هي
جزء من رحلة
طويلة، زار
أثناءها
المصنف بعض
دول أوربا،
فيها تفصيلات
عن وضع الحجاز
العلمي
والديني
والسياسي،
وللمصنف
إلمام حسن بعلم
التاريخ، وهو
متمكن من
ناحيتي الفقه
والأدب.
7-
مرآة الحرمين
للواء
إبراهيم رفعت
باشا: (كتاب
خاصٌّ عن رحلة
الحج فقط).
قد
حج المصنف
أربع مرات،
فجعل رحلته
الأولى سنة 1318هـ.
أصلا، ثم أضاف
إليها
معلومات مهمة،
استقاها من
رحلاته
الثلاث التي
قام بها بعد
ذلك.
هي
رحلة ضخمة من
أهم الرحلات،
ولقد زاد في
قيمتها
احتوائها
مئات الصور
الشمسية لجدة
ومكة والمدينة
والمشاعر،
وفي الكتاب
تفصيل واف كاف
عن كل ما
يتعلق
بالمناسك
تاريخا
وواقعا، وفيه
وصف كامل لمكة
والمدينة،
وفيه مسائل
فقهية
وتاريخية
كثيرة، وكل
ذلك في ثوب
أدبي ممتع.
8-
الرحلة
الحجازية
للأستاذ محمد
لبيب البتنوني
(كتاب خاصٌّ
عن رحلة الحج
فقط). قد قام برحلته
إلى الحجاز 1327هـ..
في
الرحلة حديث
مطول عن
الحرمين
تاريخا وفقها
وسياسة
واقتصادا،
وفيها حديث عن
تاريخ الحج في
الإسلام وعند
غيره من
الديانات
والشعب.
9-
ما رأيت
وماسمعت
لخيرالدين
الزركلي (كتاب
خاصٌّ عن رحلة
الحج فقط). قد
قام برحلته
إلى الحجاز 1339هـ..
هذه
الرحلة على
قمة
البلاغةوالقوةالأدبية،
وزارالمصنف
الطائف.
فوصفها
وبواديها
وبساتينها
وأهلها وصفا
مفصلا شاملا.
10-
الارتسامات
اللطاف في
خاطر الحاج
إلى أقدس مطاف
للامير شكيب
أرسلان (كتاب
خاصٌّ عن رحلة
الحج فقط). قد
قام برحلته
إلى الحجاز 1348هـ.
ذكر
في هذا الكتاب
جوانب تاريخ
مهمة عن
الجزيرة العربية،
وذكر طرقها
ومعادنها
وهوائها،
وزار الطائف،
فوصفها وصفا
مفصلا شاملا.
وكتب
هذه الرحلة
بأسلوب بليغ
جزل رصين، أتى
فيه أحيانا
بكلمات غريبة
جريا على
عادته.
11-
في منزل الوحي
للدكتور محمد
حسين هيكل
(كتاب خاصٌّ
عن رحلة الحج
فقط). قد قام
برحلته إلى
الحجاز
1355هـ..
هي
من أطول
الرحلات
وأكثرها
فائدة، فقد
جمعت تقريبا
كل الفوائد
التي ذكرت في
الرحلات السابقة،
وهذا الحج يعد
تحولا في حياة
الدكتور الذي
كان بعيدا عن
الفكر
الإسلامي.
هذا
ما عددته –
والله - غيض من
فيض في أدب
رحلات الحج.
أنواع
أدب الرحلة
يتنوع
أدب الرحلات
بتنوع أغراض
الرحلة وباختلاف
وجهة أنظار
الرحالة
وغيره من
الأسباب، وأنواعه
ما يلي:
أدب
الرحلة
القصصي
أدب
الرحلة
الجغرافي
أدب
الرحلة
الثقافي
أدب
الرحلة
المشاعري
أدب
الرحلة
الديني
فوائد
أدب الرحلات
*
يعرف قارئ
الأدب الرحلة – وهو
مستريح في
غرفته –
عن
*
بلاد أجنبية. وثقافتها.
*
وهيئتها
الإجتماعية. وجغرافيتها.
*
ومناظرها
الجميلة.
*
بل إن كان
الرحال كاتبا
قديرا،
فالقارئ كأنه
يرى هذه
الأشياء رأي
العين، ويحسب
نفسه مرافقا
للرحالة.
وبالإضافة
إلى ذلك يتمتع
بأدبه
وأسلوبه..
* *
*
أهم
المصادر
والمراجع
(1) الرحلة
في الأدب
العربي ،
للدكتور شعيب
حليفي
(2) الرحلة
في التراث
العربي ،
للأستاذ فؤاد
قنديل
(3) الرحلات
للدكتور شوقي
ضيف
(4) أشهر
رحلات الحج ،
للعلامة
الشيخ حمد
الجاسر
(5) المختار
من الرحلات
الحجازية
للدكتور محمد
بن حسن الشريف
(6) رحلة
الرحلات – مكة
في مائة رحلة
مغربية ورحلة
، للدكتور
عبدالهادي
التازي .
* *
*
(*) رئيس
قسم الفقه
الإسلامي
وأصوله
بالجامعة الإسلامية
كيرالا.
مجلة
الداعي
الشهرية الصادرة
عن دار
العلوم
ديوبند ،
جمادى الثانية
– رجب 1434 هـ =
أبريل - يونيو
2013م ، العدد : 6-7 ، السنة
: 37